Tuesday 16 July 2019

مات العم

ابحث عن نهال ولا اعرف لماذا اتصور انها وحدها يمكنها التصرف في مثل تلك الامور
ابحث عن قريبي لاسأله ماذا علي ان افعل الان
احدث كل من اعرفهم بداخلي ولا اتوانى عن المشاركة التخاطرية
....................................................................................................................................................................................
مات عمي 
الاكبر، المهيب، الودود المضحك الذي يجمع كل افراد العائلة ويصنع خصوصيته مع كل اطفالها
من جعل لنا جميعا ذكريات الذي احب الحياة كما لم يحبها احد منا
الذي جعل لكل منا لونا وشخصية الذي كان يلاعبنا الشطرنج ويسأل عن معنى كلمة ك كلاسيكيا لغويا واصطلاحيا ويظهر كمن ملك الكون والحقيقة
مات عمي الذي كان يهاتفني من مطارات العالم ليقول لي لست وحيدة ويشكرني في نهاية المكالمة لاني اجبته، الذي كان يعلمنا الطهي ليلة السبت من كل اسبوع ويدعونا لمائدة العشاء التي نختارها
مات عمي الذي كان يعرف كيف يتصرف في حدث كالموت،
الجميع يعجون باسئلة بديهية ، وهل الموت جبار لدرجة ان يفرق جمع كهذا
سبع اخوة لم يملكوا من الدنيا الا احتمائهم ببعض يستيقظون كل  صباح في امان لانهم يعرفون انهم هنا جميعا لماذا يتصور الموت ان من حقه سلبهم الامان والاحضان
……………………………………………………….
في الطريق اسأل السائق الذي بدا متدينا عن صلاة الجنازة وحكم الذهاب الى الدفن للسيدات، اسأل لاتأكد فعلا ان هذه هي الاجراءات التي انا بصددها وليس لاني لا اعرف
اتصل بابي فيطلب ان اقابله عند باب الرجال بالمسجد، اعرف انه ليس بخير ولكن بدا وانا  احتضنه ان حالتي هي الاسوء 
اضع حجابا كحلي على رأسي واجري السلالم حتى الوصول الى مكان سيدات العائلة،الجميع يتعانق
الكل يبكي بكاء مكتوم وهو يربت على الاخر او مفضوح حين يختلي بنفسه
بعض الناس يتبرعون بالتعليمات حتى في صلاة الجنازة
ينكرون علينا حتى الدموع، يذكرون لنا ان المفقود كان انسانا رائعا وانه قد رأى احفاده وحقق مراداته
كيف يخفف ذلك وجيعة الا اراه مرة اخرى؟ لا ادري
…………………………………………………………………………………….
لنا شكل وشبه، اول مرة الاحظ ذلك في الطريق للمقابر وانا ارى اقرباء لا اعرفهم
لنا مقابر، اول  مرة اعرف ذلك ايضا
السيارات متعاقبة خلف اخي الوحيد الذي يعرف الطريق، لا اعرف  كيف
غسلت جميع السيارات بدموع لم تتدافع من قبل من تلك الاعين
ما ان تقف السيارة حتى اهرع الى عمتي لتقول لي ان ابنها قال لها ان تبقى  بالسيارة امسك يدها واقول مينفعش. يالا 
تصحبني في هدوء واجلسها بجانب العمتين

تقول الكبرى وهي تنظر في عيني مش كنت انا الاولى يا بنتي انا مليش لزمة لكن هو له
تشتكي الاخرى، شفتي يا رضوى شفتي اللي حصل شفتي اتاخد مننا ازاي مدناش خوانه
اربت على كتفيهما واوزع المياة وابحث عن العم الذي اعرف انه سيحتاج الى عناق
ابحث عنه لاجده يبكي بلا توقف وبلا صوت وبلا ان يشعر به احد اعطيه المياة واتركه لاقف جوار الجسد الممد في  تابوت خشبي
لا احد يراه كما اراه الان
هذا الجسد كان لرجل ضحوك عالي الصوت
تخترقني الاشواك
من كل ناحية، من كل موضع، لماذا يزرعون الاشواك؟
يردد الحانوتي محفوظاته، لا يعي حرفا مما قاله ولا يشعر بشئ مما يشعر به الاخرون
يحملون الجسد الذي حمل الجميع تأتي اصوات البكاء من كل موضع
ابحث عن عمتي الكبرى اجدها تكرر لا اله الا الله
اخشى ان تذهب الاخرى الآن
يجرني ابي، يقف بي امام جموع لا اعرفها يقول لي الاسماء هذه فلانة وهذه علانة
اسلم على الجميع
احمل زجاجات المياة وامر بين الجميع لاوزعها وانا لا ادري كيف نترك عمي داخل حجرة بدائية هكذا ونرحل
في الطريق اسأل اخي هل نزلت القبر ؟ يجيب نعم، احتضنه وابكي
اسأل ابي الا يرحل وارجوه في ذلك 

احاول ازالة الشوك عن جسدي كله فيأبى

No comments:

Post a Comment