Monday 26 September 2011



ألو .. ألو .. كحلون؟ ستي؟



ستي يا ستي شتقتلك يا ستي علي صوتك صوتك بعيد
جايي من الكرم جايي من التفاح
صوتك حامل شمس و فيي لون التين
و الزيتون و ريحة الطيوب يا ستي
ايه يا ستي ما حدا ينطرني لا تأجلوا العرس يمكن طول
و شو هم الفستان قولي للعروس إنتي الزيني و إنتي العرس
و سلميلي كتير كتير و ما بقى بكير يا ستي
بذكر الليالي الطويلي و أنا طفلي بالزمان
و قصص الشتي يحكيلي صوتك اللي كلو أمان ... أه
أيه يا ستي شو بقلك يا ستي؟ إنتو بقلبي
و قولوا زيون جايي و منا جايي هون و منش هون
عم بتغني للعروس و للعريس بالساحات
و من خلف الطرقات يا ستي

غناية الست فيروز العبقريه
ترسم بصوتها لوحه وقصه ومشهد وحبكه الم الشوق وخوف من بكره وتعب الغربه
استطاعت فيروز بحرفية لا غبار عليها ان ترسم المشهد بصوتها
لم تذكر عما مضى الكثير
ذكرت قصص الشتا حين كنت اختبأ داخل جدتى
حين كانت الحدوته مشروطه باكل البيض او التخلى عن فكرة شرب القهوه
ذكرت الصوت المختلط برائحه الزيتون
لم تغنينى فيروز عما صار بعد هذه المكالمه
لم تذكر كم تألمت لانى لم البى الدعوة ولم اذهب للعرس ولم ارى فستان العروس ولم اغنى لهم فى الساحات
اثرت فيروز ان تبقى الجرح مجور ولا تذكر كيف آلمنى انها كانت مكالمه وداع او دعوة للقاء اخير
لم تذكر فيروز كيف كان اللقاء الذى اخترت دائما ان يكون مفاجأة لجدتى
حين كنت اذهب الى هناك متلصصه اقف خلف شرفتها الصفيح
اسمع صوتها تحكى لجارتها البدويات عنى وعن ايامها فى القاهره
كانت تذكر امى... دائما اغيب شهور وسنوات واعود لاجدها تحكى لنفس البدويات نفس الحكايات
عن ابى الذى لف الدنيا بحالها وكيف انى كنت لا انام الا فى احضانها حين يسافر ابى وعن كيف كنت ادمن حكاياتها وامى التى افنت  عمرها كله تدرس وتذاكر وتهتم بشعرى وشعرى الذى قارب ان يلمس الارض وعن كثافته التى بذلت من اجلها امى الكثير من المال لتشترى لى الشامبوهات وما الى ذلك من جميع بقاع الارض اسمع كل ذلك من خلف الشرفه العتيقه اقاطعها حاشره رأسى من الشباك الصغير وادينى قصيته وبهدلته وقصفته
تصرخ فرحا وتهلل باسمى قبل ان ترى وجهى
اهرول الى مجلسها وارتمى فى احضانها وارتوى من رائحتها واجالس صديقاتها اللاتى لا افهم من كلامهن شيئا غير قسم والله الا ان جدتى تقوم بدور الترجمه
تطالبنى فورا بالاستحمام ادعابها هو انا رحتى قلبت البلد للدرجادى تبسم وتسألنى ان كنت اريد النوم لارتاح من عناء السفر الطويل افهم سريعا ما ترمى اليه واعرف ما تود ان تسمعه فاذكر لها كم انا متعبه فعلا من بعدى عنها طوال هذا الوقت وانه لا احد فى القاهره يجيد اعداد القهوه مثلها فتداعبنى بسؤالها قهوه ولا حدوته احضنها وسريعا ما نجلس سويا نشرب القهوه ثم الليمون الذى ابدا ما شربت مثله وتحكى لى كيف تجرى الحياه تسمع شكوتى المريره تحكى لى عن كل ما اود ان اسمعه اضيق لضيقها وتحزن لحزنى وكأنى شم السماء جاءت لزيارتهم تأمر كل من بالبيت ان يقوموا بواجبهم تجاهى فاحدهم يذهب للجزار ويأتى به ليذبح الخروف والاخر يعد عدة الشواء واحداهن عليها ان تجهز حجرتى والاخرى تعد ما سوف نأكله مع اللحم واصغر الصغار يجلس معى وانا اجهز السلطه فى كل مره احاول اقناعها انى لا احب الخروف ابدا ولا اريد ان ارهق الجميع هكذا وفى كل مره تحاول اقناعى ان هذا ما كانوا سيفعلونه فى كل الاحوال حتى لو لم اتى
بالنسبه لها افسدتنى القاهره بزحامها فهى لم ترانى ابدا انظف السمك ولا الف اوراق الكرنب لاصنع المحشى واى خراب اكثر من هذا
اقول لها حسنا دعيهم يصنعوا المحشى وسوف اتعلم منهم
ترد على تعلمى حين تعودى بيت ابيك اما هنا فانت فقط تشربى القهوه وتخبرنى عن احوالك
فى اليوم التالى تكون الاشواق قد هدأت قليلا ويبدأ العتاب
تعاتبنى عن وجهى الاصفر الدال على انى لا اكل البيضه ولا اشرب اللبن رغم ان جسمى قد اوشك على الاقتراب من جسد الفيل وهو ما يؤكده باقى سكان البيت فى تساؤل عن كيف انجح فى ان ابدو ابدن فى كل زياره
ثم تستطرد لتسأل عن شعرى ولماذا قصرته الى ذلك الحد وتندب حظها وحظى وحظ امى التعس وحظوظ البشريه اجمع فى ان رزقنى الله رأس اصلب من الحديد قادنى الى ان اعتبر قص شعرى وشرب القهوه والاضراب عن البيض  دليل حريه وتحرر من قيود الطفوله
ثم تنظر الى اصابع يدى اليمنى وتبتسم وتدعو فى سرها
حينها اتذكر ليالى الصيف القديمه
حين كانت لنا حكايات
حكايات ابن الجيران
حينها كان التعريض بالسؤال عنه وعن اسرته يبعث فى وجه جدتى السرور
تتهلل وتمارس حيلتها المعهوده تخبرنى باخبار كل الجيران ما عدا هو واهله حين نسمع دقاته على الباب ويدخل متلهفا كأنما يبحث عن شئ ما فتغمز وتقول اهو جه اسأليه بقى بدل ما تسألينى انا
اقول لها اسأل من وعن اى شئ
تضحك وتسأله عن حاله يجيبها وهو ناظر الى ان كل شئ عال العال اوى اوى
تقول له الحمد لله يا حبيبى تدعوه لتناول القهوه يجلس واهم انا بالانصراف
فيستأذن هو الاخر وتأبى جدتى ان تتركه دون ان يشرب القهوه
يشربها ويتعمد ان يخبر جدتى بصوت عالى انه سيأتى الينا بعد العصر لمبارة كره اليد مع اقاربى
ابتسم انا حين اسمع ذلك من خلف الشرفه وياتى العصر وتعد قريباتى الملعب ويرتدى الاولاد ما قد يلائم اللعب ويذهبون للصلاة ثم يأتوا يجالسوا جدتى قليلا ويبدأ الرفقاء فى القدوم ونحن البنات نفترش الرمال من بعيد نسأل يا ترى اى الفريقين سيفوز نتسلى بالعاب اخرى الى حين تبدأ المبارة كان دائما يهدى الفوز لى
كانت الايام تحمل من السعادة اكثر مما يمكن احتماله
كأن سعادة عمرى لم تقسم على السنوات ولكن تكومت والقيت فى هذه الايام
كم كان اللقاء جميلا وكم كان الخصام جميلا وكم كان الخلاف ودودا وكم كانت الاشياء بسيطه
بعدها صار السؤال عن اسرته يؤلم الجميع الاطمئنان على من بقى من ريحته لم يعد ممكنا على الاطلاق
لم يبقى منه الا الكوب الذى كان يشرب فيه القهوه حين يزور جدتى
ولم يبقى من جدتى الا بعض هذه الذكريات
بقايا ملابس بعض من الحكايات
لا اعرف ان كانت الشرفه على حالها ام لا
لا اعرف ان كان فراشها على حاله ام لا
لا اعرف هل البيت محتفظا برائحتها ام لا
هل سيأتى اليوم الذى استطيع فيه دخول البلد وهى ليست به ام لا

No comments:

Post a Comment